عنك مرة أخرى
تأملتُ السماء هذه الليلة، لم تكن ليلة صافية، ولم يكن القمر بدرًا. لم تكن النجوم ساطعة، بالكاد استطعتُ تمييز بريقها الخافت. لم يكن هناك أي شيء مميز حول سماء الليلة. إلا أن سماء كل ليلة -مهما كانت اعتيادية أو أخّاذة الجمال-، تعيدني إليك. تعيدني إلى سنوات مضت، كان الزمن فيها أقل قسوة، وكنّا فيها أكثر جرأة وتمردًا على قسوته. تعيدني إلى أيام تجرأنا فيها على أن نحب بحرية ونحلم بجموح. تُراك تذكرني عندما تنظر إلى السماء؟ هل يتردد في ذهنك صوتي وأنا أقول: السماء جميلة هذه الليلة؛ القمر بدر، والنجوم ساطعة؟ هل تراك تذكر طلبي المتكرر: "قم وألقِ نظرة"؟ أم أنك لا تذكر؟ سواءٌ ذكرت أم لم تذكر، لن يشكل ذلك فرقًا يُذكَر. فأنا أذكر، وأبتسم للذكرى، وأقول: "الله يمسيك بالخير" وتتسع ابتسامتي، ثم أغلق شباكي وقد امتلأ صدري بالحنين والشجن، وأقوم لأشْغَلَ رأسي بأي شيء؛ لأن الدنيا قد استشرست، ولم يعد في مقدروي أن أنفرد بشجني، سوى لتلك اللحظات التي هي بيني وبين السماء، والتي أشارك فيها أسراريَ القمر والنجوم. استشرست الدنيا، ولكن قلبي لا يزال غضًا، يبحث عن الجمال، يجده، ويدعو لك.