أبي الذي أكره - مراجعة

 
 بقدر خروج اسم الكتاب عن المألوف كان غنى محتواه. بداية من أشكال الاضطرابات والجروح التي تنشأ من ظروف النشأة غير السوية، مرورًا بكيفية تكوين وتجذر هذه الاضطرابات في النفس وتأثيرها على جوانب الحياة المختلفة، وحتى الوصول إلى التعاطف مع النفس ومع من تسببوا في ظروف هذه النشأة من أجل تحقيق خطة واقعية لتعافي النفس، ذكر الكتاب كل شيء، وكل جزء منه كان ملهمًا وواقعيًا لأبعد الحدود.

الجمال والإتقان يكون عليه ردا فعلٍ فقط، فإما ألا تستطيع التوقف عن الحديث عنه، وإما أن يسلبك قدرتك على الوصف، وأنا الآن بين هذا وذاك. أستطيع القول دون مبالغة وبكل إنصاف، أن الكتاب من أفضل الكتب العربية (وقد يكون أفضلها) حول التعافي النفسي حتى الآن. استمتعت بالوقت الذي قضيته بين صفحاته، واستزدت علمًا قيمًا وأساسيًا في وقتنا الحالي، والأهم بالنسبة لي أني شعرت بتربيتَةٍ حنونة فخورة على ظهري؛ لما أكده لي الكتاب من نجاحي في رحلتي الشخصية الفردية في التعافي وأنني على المسار الصحيح، مهما تعثرت خطواتي ومهما مررت بلحظات انتكاس نحو الأنماط القديمة من التفكير والتصرفات.

ليس لي أية مآخذ على الكاتب هذه المرة، بل أظن أن الكتاب سيكون المفضل عندي بين الإخوة الثلاثة. حتى الروحانية، التي ذكرت أنه قسى عليها سابقًا في كتابه "أحببت وغدًا"، قد رفع عنها قسوته واعترف بقدرة المحبة الحقيقة على شفاء الأرواح المتعبة، حيث قال: "حقا إن للمحبة غير المشروطة قدرة شفائية. والحقيقة أني لم أكن أؤمن بذلك حتى عهد قريب...." 

أبدع د/ عماد رشاد عثمان في تبسيط مفهوم الصدمات النفسية والتعافي النفسي، علميًا وأدبيًا. والآن، أبدأ رحلتي بين صفحات الأخ الثالث: "ممتلئ بالفراغ"، ولا شك عندي أنه سيضيف لي الكثير.
 

تعليقات

اقرأ أيضًا

ما وراء "كانوا سرابًا"

بهذه البساطة وهذا التعقيد

ما وراء رسائل هاربة